التوحيد ومباحث الايمان7
بسم الله الرحمن الرحيم جامعة البحر الأحمر كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية
التوحيد و مباحث الإيمان المحاضرة (5)
الإيمان بالملائكة ووجود الجن
الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان العقيدة الإسلامية دل على ذلك قوله:(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). البقرة 285
سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال:(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)، لذا لا يصلح إيمان الإنسان حتى يؤمن بأن الملائكة عالمٌ غيبيٌّ موجود مخلوق لله تعالى، ويؤمن بما ورد في حقهم من صفات وأعمال.
ويلزم من إنكار الملائكة إنكار الوحي والنبوة والأرواح، وذلك يستلزم إنكار اليوم الآخر.
تعريف بالملائكة:
الملائكة لغة:
جمع ملَكَ وقيل إنه مشتق من الألوكة وهي الرسالة، وقيل من لأَكَ إذا أرسل. وقيل غير ذلك.
اصطلاحاً:
عالم غيبي، مخلوق من نور ، عابدون لله تعالى ليس لهم من خصائص الربوبية والإلوهية شيء، وقد منحهم الله الانقياد التام لأمره والقوة على تنفيذه.
عقيدة مشركي العرب في الملائكة قبل الإسلام:
زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً
قال تعالى:(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم
ستكتب شهادتهم ويسألون ).الزخرف 19
وقال تعالى ( أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون إلا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون).الصافات 150-152
تعريف الإيمان بالملائكة:
هو الركن الثاني من أركان الإيمان وهو التصديق الجازم بأن لله ملائكة موجودين مخلوقين من نور لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون والإيمان بما ورد في حقهم من صفات وأعمال في كتاب الله وفيما ثبت من سنة رسول الله وهو أصل الإيمان بالوحي ولذلك قدمت الملائكة على الكتاب والنبيين فهم اللذين يؤتون النبيين الكتاب (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) القدر 4
(نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) الشعراء 193-194
فيلزم من إنكار الملائكة إنكار الوحي والنبوة وذلك يستلزم إنكار اليوم الآخر ومن أنكر اليوم الآخر يكون اكبر همه الدنيا وذلك أصل الشقاء .
الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
الإيمان بوجودهم
الإيمان بمن علمنا اسمه منهم كجبريل ،ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا
الإيمان بما علمنا من صفاتهم كصفة جبريل التي رآه بها النبي صلى الله عليه وسلم (له ستمائة جناح قد سد الأفق ).
الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها من أمر الله كالتسبيح والتعبد له ليلا ونهار فإنهم مجبولون على طاعة الله (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) التحريم 6.
صفات الملائكة في القرآن والسنة :
بين القرآن الكريم أن الملائكة ذوات روحانيه حقيقية عاقلة مخلوقة من نور وإنهم مخلوقون قبل آدم (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )البقرة 30.
وبما أن الملائكة من عالم الغيب لزم الوقوف على ما ورد في الوحي وما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات خَلقِيه أو خُلُقِيه ومن تلك الصفات التي اخبر عنها القرآن وبينتها السنة ما يلي :
الصفات الخَلقِية :
مخلوقون من نور لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عروه عن عائشة : (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ) أخرجه مسلم
يتمتعون بخلق عظيم وقوه كبيره وهم في ذلك متفاوتون فمنهم من له جناحان ومن له ثلاث و من له أربعه ومنهم من هو فوق ذلك لقوله تعالى : (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحه مثنى وثلاث ورباع يزيد في خلقه ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) فاطر 1
وقد ورد في الحديث إن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى جبريل منهبط من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض ) أخرجه مسلم
لهم قدرات عظيمه يعجز البشر عن الإتيان بمثلها من ذلك حمل العرش (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )الحاقة 17
والنفخ في الصور وحمل الجبال وقلب المدن ..وغيرها
إنهم متفاوتون في المكانة ويختلفون فيما يوكل إليهم من أعمال (جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها ، قال: وكذلك من شهد بدر من الملائكة ) أخرجه البخاري
وورد في القرآن والسنة ذكر عدد من الملائكة المميزين منهم : جبريل صاحب الوحي (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنزلين ) الشعراء 193 وإسرافيل الموكل بنفخ الصور (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون )الزمر 68 وميكائيل الموكل بالقطر والنبات وملك الموت لم يصرح القرآن باسمه ولا في الأحاديث الصحيحة لكن جاءت تسميته في بعض الآثار بعزرائيل (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) السجدة 11
قدرتهم على التشكل بإذن الله فقد جاء جبريل متمثلا في صورة بشر لمريم يبشرها بعيسى عليها السلام ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا). مريم17، كما جاء في صورة رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام والإيمان ...الخ.
ومنهم الذين جاءوا إبراهيم ولوط.
إنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتناسلون ولا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة، فقد قدموا إبراهيم وامتنعوا عن الطعام. (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ....فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم).الذاريات 24-28
أما عدم جواز وصفهم بالأنوثة فقد ذم الكافرين في ذلك قال تعالى:(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) النجم27 . كما لا يجوز وصفهم بذكورة لعدم ورود نص شرعي.
صفاتهم الخُلُقِية:
ذوو حياء: قال صلى الله عليه وسلم في عثمان :“ ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ”.مسلم.
إنهم يحبون ويبغضون : فيحبون من أحبه الله ويبغضون من أبغضه الله كم دل على ذلك صحيح السنة.(إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده.
يتأذون مما يتأذى منه ابن آدم: كالروائح الكريهة نهى صلى الله عيه وسلم عن أكل البصل والكراث فقال : من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس ”.مسلم.
إنهم لا يعلمون من الغيب إلا ما أعلمهم الله (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم)البقرة32
أنهم دائمو الطاعة لله والخوف منه لا يعصون أمره ولا يفعلون شيئا إلا بعد إذنه (يسبحون الليل والنهار ولا يفترون )الأنبياء20 (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)الأنبياء26-27
أعمال الملائكة:
للملائكة أعمال مكلفون بها بعضهم يتعلق بالإنسان وأخرى تتصل بالكون وما فيه من أحداث.
أعمالهم المتعلقة بالإنسان:
للملائكة صلة بالإنسان قبل مولده وأثناء حياته وفي حياته البرزخية وفي الحياة الآخرة ولهم في كل المراحل لهم أعمال يقومون بها منها:-
نفخ الأرواح في الأجنة وكتابة مستقبل تلك الأجنة من حيث أعمالها وآجالها وأرزاقها وسعادتها وشقاوتها كل ذلك والأجنة في بطون أمهاتها. عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربعة : برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح ).البخاري
حضور مجالس الذكر وحف الذاكرين( لا يقعد قوم يذكرون الله يذكرون الله عز وجل الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله في من عنده) مسلم.
مراقبتهم الإنسان في كل وكتابة أعماله وإحصاؤها عليه (وإن عليكم لحافين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون)الانفطار 10-12، وسمي منهم رقيب وعتيد ( وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ق17-18.
تثبيتهم للمؤمنين وقتالهم معهم كما في الغزوات بدر وقريظة والأحزاب (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا...)الأنفال 12.
استغفارهم للمؤمنين( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) غافر7.
نزولهم عند تلاوة القرآن ليستمعوا له كما حصل مع الصحابي أسيد بن حضير.
دعاؤهم للمؤمنين الكرماء بالتوسعة وللبخلاء بالتضييق (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما :اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا)البخاري.
تبليغهم وحي الله إلى رسله وأنبيائه (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين)البقرة97.
قبضهم الأرواح (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)السجدة11.
سؤالهم الميت في قبره ثم تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إلى الجسد.
قيامهم برعاية أهل الجنة(وسيق الذين اتقوا إلى الجنة زمراً....) الزمر73
تعذيبهم أهل النار وتوبيخهم إياهم. (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة زرعها سبعون زراعاً فاسلكوه) الحاقة30-32
15
أعمال الملائكة في الكون:
حمل العرش ( ويحمل عرش ربك يومئذ ثمانية) الحاقة17
العبادة الدائمة لله( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار ولا يفترون) الأنبياء 19-20.
سوق السحاب إلى حيث يشاء الله.
منهم الموكل بالجبال. وغير ذلك من الأعمال التي يقومون بها تنفيذاً لأقدار الله في الخلق.
قال ابن القيم: فكل حركة في السموات والأرض من حركات الأفلاك والنجوم والشمس والقمر والرياح والسحاب والنبات فهي ناشئة عن الملائكة الموكلين بالسماوات والأرض كما قال تعالى:(والمدبرات أمرا) النازعات 5 وقال: (فالمقسمات أمرا) الذاريات 4.وهذا بعد إذنه تعالى.
أثر الإيمان بالملائكة في حياة المسلم:-
يقوي الشعور لدى المسلم بعظمة الخالق وقوته فإن عظمت المخلوق من عظمة الخالق.
يعكس مركز الإنسان الكبير في الكون فيجب على الإنسان ان يشكر الله تعالى على عنايته به حيث أمر الملائكة بالسجود لآدم وسخرهم لتدبير أمر حياة البشر في الدنيا والآخرة.
يدفع إلى التشبه بهم في الإقدام على فعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي..
يدفع المرء إلى الاستحياء من الله في السر والعلن حينما يعلم أن هناك من يحصي عليه أعماله .
يولد لدى المرء الأنس وعدم الشعور بالوحشة أ الاستسلام لليأس إذ يعلم بأن الله معه يؤيده بجنود من عنده يثبتونه ويكونون عوناً له وناصراً.
عالم الجن:-
الجن لغة :-
مأخوذة من جنَّ إذا استتر، جنَّ عليه الليل أي ستره.
اصطلاحاً:-
عالم غيبي وسموا بذلك لإجتنانهم أي استتارهم عن الأبصار.
يجب الإيمان بوجودهم لأن الله تعالى أخبر بذلك كما أخبر بصفاتهم وأعمالهم وأحوالهم وورد كذلك في السنة النبوية.
فندرك من خلال تلك النصوص أن الجن:نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان ولكنهم مجردون عن المادية البشرية مستترون عن الحواس لا يرون على طبيعتهم ولا بصورتهم الحقيقية ، ولهم القدرة على التشكل. يأكلون ويشربون ويتناكحون ولهم ذرية ، محاسبون على أعمالهم في الآخرة.
صفات وخصائص الجن:-
مخلوقون من نار وخلقهم سابق على الإنسان ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون والجآن خلقناه من قبل من نار السموم).الحجر26-27
إنهم يروننا ولا نراهم وصف الله تعالى الشيطان وأتباعه وهم من صنف الجن بقوله:( يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف27.
لهم القدرة على التشكل منحهم الله القدرة على التشكل بأشكال عديدة والخروج من حالتهم التي هم عليها، وكثيرا ما يتصورون في صور الإنس وأحيانا صور البهائم ويظهرون في صور الطير والحيات والعقارب وغيرها.
إنهم مكلفون ولهم إرادة واختيار فهم أمة مكلفة كالبشر (يا معشر الجنِّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا) الأنعام130.
صفات وخصائص الجن:-
الجن يموتون ويبعثون ويجازون على أعمالهم وأن الكفرة يعذبون :(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف38
يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة (قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) النمل39
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) سبأ38
عجز اجن عن النفع والضر: برغم القدرة التي منحهم الله لها فإنهم بذواتهم لا حول لهم ولا قوة ، ولا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضراً ولا نفعاً إلا أن يشاء الله. وقد ذم القرآن المشركين استعانتهم بالجن بقوله (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الجن6
العلاقة بين الجن والإنس:-
العلاقة بين الإنس والجنّ عداء من قبل الشيطان للإنس وترجع إلى عداوة إبليس لآدم أبي البشر (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) الأعراف24.(إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا)الإسراء53.
تتمثل هذه العداوة فيترصد الشيطان للإنسان ومحاولة إيقاع أنواع الأذى النفسي والمادي عليه.
الأذى النفسي:-
تزيين الكفر والطغيان والفساد والصد عن سبيل الله( وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) النمل24.
الوعد بالفقر والأمر بالفحشاء (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم)البقرة 268.
إلقاء العداوة البغضاء وإشعال الفتن ونار الحرب بني آدم:(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون) المائدة91.( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)الإسراء53
الوسوسة في صدور الناس(قل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون)المؤمنون97-98. وكما في سورة الناس.
وقد تبين أن دور الشيطان لا يتعدى الوسوسة بتزيين الباطل والحض على الشر والاجتهاد في في إغواء الناس بارتكاب الموبقات.ويؤكد ذلك قوله تعالى:(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)إبراهيم22.
ولإيجاد توازن في الإنسان جعل الله في مقابل سوسة الشيطان داعياً للخير جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:“إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله على ذلك ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )البقرة268. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“ ما من أحد منكم وإلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير)الترمزي.
الأذى المادي:-
أعطاهم الله قدرات معينة على الإنس فيؤذونهم أذى حسيا ويصيبونهم بنوع من الأمراض مثل المس والصرع وغيرها فمنها ما يكون بسبب مس الجن.
وذهب بعض العلماء إلى أن من الصرع ما يكون نتيجة لدخول الجن في بدن الإنسان. فيتكلم المصروع بكلام لا يعرفه ولا يدري به يدل على ذلك قوله تعالى:(الذين يأكلون الربا لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) البقرة 275.وقوله صلى الله عليه وسلم إن الإنسان يجري من الإنسان مجرى الدم) مسلم.
وذهب آخرون إلى إن الشيطان يؤثر في الإنسان عن طريق إثارة أعصابه أو بعض طبائعه ولكن لا يدخل في بدنه دخولاً حسياً.
وقد يكون سبب ذلك نتيجة أذية الناس لهم بقتل بعضهم أو صب ماء حار عليهم أو نزولهم في أماكنهم أو غير ذلك، أو نتيجة الإصابة بالعين أو السحر.
قال ابن القيم :“وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والحصينات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الرجل أعزل لا سلاح معه ،....وأما من لم يكن كذلك فلا سبيل للشيطان عليه بحال ”.
وسائل التحصين من الجن والاحتراز من الشياطين:-
إتباع الهدي الإلهي:(قال اهبطا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى).
الأدعية المأثورة من الطرق الشرعية لإبعاد وساوس الشيطان ما ورد من ادعيه مأثورة.
الإكثار من ذكر فهو من أقوى الوسائل لطرد الشياطين ودفع إغوائهم لأنه يقوي في النفس حب الحق ودواعي الخير ويضعف فيها الميل إلى الباطل والشر فلا يكون للشيطان مدخل إليها.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم.
المصادر والمراجع:
شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي.
أَركانُ الإيمان علي بن نايف الشحود.
شرح العقيدة الواسطية،محمد بن صالح بن محمد العثيمين تحقيق: سعد فواز الصميل.
الإيمان بالله جل جلاله عَلي محمد محمد الصَلاَّبي.
الثقافة الإسلامية ، أحمد محمد أحمد الجلى.
بسم الله الرحمن الرحيم جامعة البحر الأحمر كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية
التوحيد و مباحث الإيمان المحاضرة (5)
الإيمان بالملائكة ووجود الجن
الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان العقيدة الإسلامية دل على ذلك قوله:(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). البقرة 285
سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال:(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)، لذا لا يصلح إيمان الإنسان حتى يؤمن بأن الملائكة عالمٌ غيبيٌّ موجود مخلوق لله تعالى، ويؤمن بما ورد في حقهم من صفات وأعمال.
ويلزم من إنكار الملائكة إنكار الوحي والنبوة والأرواح، وذلك يستلزم إنكار اليوم الآخر.
تعريف بالملائكة:
الملائكة لغة:
جمع ملَكَ وقيل إنه مشتق من الألوكة وهي الرسالة، وقيل من لأَكَ إذا أرسل. وقيل غير ذلك.
اصطلاحاً:
عالم غيبي، مخلوق من نور ، عابدون لله تعالى ليس لهم من خصائص الربوبية والإلوهية شيء، وقد منحهم الله الانقياد التام لأمره والقوة على تنفيذه.
عقيدة مشركي العرب في الملائكة قبل الإسلام:
زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً
قال تعالى:(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم
ستكتب شهادتهم ويسألون ).الزخرف 19
وقال تعالى ( أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون إلا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون).الصافات 150-152
تعريف الإيمان بالملائكة:
هو الركن الثاني من أركان الإيمان وهو التصديق الجازم بأن لله ملائكة موجودين مخلوقين من نور لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون والإيمان بما ورد في حقهم من صفات وأعمال في كتاب الله وفيما ثبت من سنة رسول الله وهو أصل الإيمان بالوحي ولذلك قدمت الملائكة على الكتاب والنبيين فهم اللذين يؤتون النبيين الكتاب (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) القدر 4
(نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) الشعراء 193-194
فيلزم من إنكار الملائكة إنكار الوحي والنبوة وذلك يستلزم إنكار اليوم الآخر ومن أنكر اليوم الآخر يكون اكبر همه الدنيا وذلك أصل الشقاء .
الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
الإيمان بوجودهم
الإيمان بمن علمنا اسمه منهم كجبريل ،ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا
الإيمان بما علمنا من صفاتهم كصفة جبريل التي رآه بها النبي صلى الله عليه وسلم (له ستمائة جناح قد سد الأفق ).
الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها من أمر الله كالتسبيح والتعبد له ليلا ونهار فإنهم مجبولون على طاعة الله (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) التحريم 6.
صفات الملائكة في القرآن والسنة :
بين القرآن الكريم أن الملائكة ذوات روحانيه حقيقية عاقلة مخلوقة من نور وإنهم مخلوقون قبل آدم (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )البقرة 30.
وبما أن الملائكة من عالم الغيب لزم الوقوف على ما ورد في الوحي وما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات خَلقِيه أو خُلُقِيه ومن تلك الصفات التي اخبر عنها القرآن وبينتها السنة ما يلي :
الصفات الخَلقِية :
مخلوقون من نور لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عروه عن عائشة : (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ) أخرجه مسلم
يتمتعون بخلق عظيم وقوه كبيره وهم في ذلك متفاوتون فمنهم من له جناحان ومن له ثلاث و من له أربعه ومنهم من هو فوق ذلك لقوله تعالى : (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحه مثنى وثلاث ورباع يزيد في خلقه ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) فاطر 1
وقد ورد في الحديث إن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى جبريل منهبط من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض ) أخرجه مسلم
لهم قدرات عظيمه يعجز البشر عن الإتيان بمثلها من ذلك حمل العرش (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )الحاقة 17
والنفخ في الصور وحمل الجبال وقلب المدن ..وغيرها
إنهم متفاوتون في المكانة ويختلفون فيما يوكل إليهم من أعمال (جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها ، قال: وكذلك من شهد بدر من الملائكة ) أخرجه البخاري
وورد في القرآن والسنة ذكر عدد من الملائكة المميزين منهم : جبريل صاحب الوحي (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنزلين ) الشعراء 193 وإسرافيل الموكل بنفخ الصور (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون )الزمر 68 وميكائيل الموكل بالقطر والنبات وملك الموت لم يصرح القرآن باسمه ولا في الأحاديث الصحيحة لكن جاءت تسميته في بعض الآثار بعزرائيل (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) السجدة 11
قدرتهم على التشكل بإذن الله فقد جاء جبريل متمثلا في صورة بشر لمريم يبشرها بعيسى عليها السلام ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا). مريم17، كما جاء في صورة رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام والإيمان ...الخ.
ومنهم الذين جاءوا إبراهيم ولوط.
إنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتناسلون ولا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة، فقد قدموا إبراهيم وامتنعوا عن الطعام. (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ....فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم).الذاريات 24-28
أما عدم جواز وصفهم بالأنوثة فقد ذم الكافرين في ذلك قال تعالى:(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) النجم27 . كما لا يجوز وصفهم بذكورة لعدم ورود نص شرعي.
صفاتهم الخُلُقِية:
ذوو حياء: قال صلى الله عليه وسلم في عثمان :“ ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ”.مسلم.
إنهم يحبون ويبغضون : فيحبون من أحبه الله ويبغضون من أبغضه الله كم دل على ذلك صحيح السنة.(إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده.
يتأذون مما يتأذى منه ابن آدم: كالروائح الكريهة نهى صلى الله عيه وسلم عن أكل البصل والكراث فقال : من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس ”.مسلم.
إنهم لا يعلمون من الغيب إلا ما أعلمهم الله (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم)البقرة32
أنهم دائمو الطاعة لله والخوف منه لا يعصون أمره ولا يفعلون شيئا إلا بعد إذنه (يسبحون الليل والنهار ولا يفترون )الأنبياء20 (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)الأنبياء26-27
أعمال الملائكة:
للملائكة أعمال مكلفون بها بعضهم يتعلق بالإنسان وأخرى تتصل بالكون وما فيه من أحداث.
أعمالهم المتعلقة بالإنسان:
للملائكة صلة بالإنسان قبل مولده وأثناء حياته وفي حياته البرزخية وفي الحياة الآخرة ولهم في كل المراحل لهم أعمال يقومون بها منها:-
نفخ الأرواح في الأجنة وكتابة مستقبل تلك الأجنة من حيث أعمالها وآجالها وأرزاقها وسعادتها وشقاوتها كل ذلك والأجنة في بطون أمهاتها. عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربعة : برزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح ).البخاري
حضور مجالس الذكر وحف الذاكرين( لا يقعد قوم يذكرون الله يذكرون الله عز وجل الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله في من عنده) مسلم.
مراقبتهم الإنسان في كل وكتابة أعماله وإحصاؤها عليه (وإن عليكم لحافين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون)الانفطار 10-12، وسمي منهم رقيب وعتيد ( وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ق17-18.
تثبيتهم للمؤمنين وقتالهم معهم كما في الغزوات بدر وقريظة والأحزاب (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا...)الأنفال 12.
استغفارهم للمؤمنين( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) غافر7.
نزولهم عند تلاوة القرآن ليستمعوا له كما حصل مع الصحابي أسيد بن حضير.
دعاؤهم للمؤمنين الكرماء بالتوسعة وللبخلاء بالتضييق (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما :اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا)البخاري.
تبليغهم وحي الله إلى رسله وأنبيائه (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين)البقرة97.
قبضهم الأرواح (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)السجدة11.
سؤالهم الميت في قبره ثم تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إلى الجسد.
قيامهم برعاية أهل الجنة(وسيق الذين اتقوا إلى الجنة زمراً....) الزمر73
تعذيبهم أهل النار وتوبيخهم إياهم. (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة زرعها سبعون زراعاً فاسلكوه) الحاقة30-32
15
أعمال الملائكة في الكون:
حمل العرش ( ويحمل عرش ربك يومئذ ثمانية) الحاقة17
العبادة الدائمة لله( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار ولا يفترون) الأنبياء 19-20.
سوق السحاب إلى حيث يشاء الله.
منهم الموكل بالجبال. وغير ذلك من الأعمال التي يقومون بها تنفيذاً لأقدار الله في الخلق.
قال ابن القيم: فكل حركة في السموات والأرض من حركات الأفلاك والنجوم والشمس والقمر والرياح والسحاب والنبات فهي ناشئة عن الملائكة الموكلين بالسماوات والأرض كما قال تعالى:(والمدبرات أمرا) النازعات 5 وقال: (فالمقسمات أمرا) الذاريات 4.وهذا بعد إذنه تعالى.
أثر الإيمان بالملائكة في حياة المسلم:-
يقوي الشعور لدى المسلم بعظمة الخالق وقوته فإن عظمت المخلوق من عظمة الخالق.
يعكس مركز الإنسان الكبير في الكون فيجب على الإنسان ان يشكر الله تعالى على عنايته به حيث أمر الملائكة بالسجود لآدم وسخرهم لتدبير أمر حياة البشر في الدنيا والآخرة.
يدفع إلى التشبه بهم في الإقدام على فعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي..
يدفع المرء إلى الاستحياء من الله في السر والعلن حينما يعلم أن هناك من يحصي عليه أعماله .
يولد لدى المرء الأنس وعدم الشعور بالوحشة أ الاستسلام لليأس إذ يعلم بأن الله معه يؤيده بجنود من عنده يثبتونه ويكونون عوناً له وناصراً.
عالم الجن:-
الجن لغة :-
مأخوذة من جنَّ إذا استتر، جنَّ عليه الليل أي ستره.
اصطلاحاً:-
عالم غيبي وسموا بذلك لإجتنانهم أي استتارهم عن الأبصار.
يجب الإيمان بوجودهم لأن الله تعالى أخبر بذلك كما أخبر بصفاتهم وأعمالهم وأحوالهم وورد كذلك في السنة النبوية.
فندرك من خلال تلك النصوص أن الجن:نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان ولكنهم مجردون عن المادية البشرية مستترون عن الحواس لا يرون على طبيعتهم ولا بصورتهم الحقيقية ، ولهم القدرة على التشكل. يأكلون ويشربون ويتناكحون ولهم ذرية ، محاسبون على أعمالهم في الآخرة.
صفات وخصائص الجن:-
مخلوقون من نار وخلقهم سابق على الإنسان ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون والجآن خلقناه من قبل من نار السموم).الحجر26-27
إنهم يروننا ولا نراهم وصف الله تعالى الشيطان وأتباعه وهم من صنف الجن بقوله:( يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف27.
لهم القدرة على التشكل منحهم الله القدرة على التشكل بأشكال عديدة والخروج من حالتهم التي هم عليها، وكثيرا ما يتصورون في صور الإنس وأحيانا صور البهائم ويظهرون في صور الطير والحيات والعقارب وغيرها.
إنهم مكلفون ولهم إرادة واختيار فهم أمة مكلفة كالبشر (يا معشر الجنِّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا) الأنعام130.
صفات وخصائص الجن:-
الجن يموتون ويبعثون ويجازون على أعمالهم وأن الكفرة يعذبون :(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف38
يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة (قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) النمل39
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ) سبأ38
عجز اجن عن النفع والضر: برغم القدرة التي منحهم الله لها فإنهم بذواتهم لا حول لهم ولا قوة ، ولا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضراً ولا نفعاً إلا أن يشاء الله. وقد ذم القرآن المشركين استعانتهم بالجن بقوله (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الجن6
العلاقة بين الجن والإنس:-
العلاقة بين الإنس والجنّ عداء من قبل الشيطان للإنس وترجع إلى عداوة إبليس لآدم أبي البشر (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) الأعراف24.(إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا)الإسراء53.
تتمثل هذه العداوة فيترصد الشيطان للإنسان ومحاولة إيقاع أنواع الأذى النفسي والمادي عليه.
الأذى النفسي:-
تزيين الكفر والطغيان والفساد والصد عن سبيل الله( وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) النمل24.
الوعد بالفقر والأمر بالفحشاء (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم)البقرة 268.
إلقاء العداوة البغضاء وإشعال الفتن ونار الحرب بني آدم:(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون) المائدة91.( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)الإسراء53
الوسوسة في صدور الناس(قل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون)المؤمنون97-98. وكما في سورة الناس.
وقد تبين أن دور الشيطان لا يتعدى الوسوسة بتزيين الباطل والحض على الشر والاجتهاد في في إغواء الناس بارتكاب الموبقات.ويؤكد ذلك قوله تعالى:(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)إبراهيم22.
ولإيجاد توازن في الإنسان جعل الله في مقابل سوسة الشيطان داعياً للخير جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:“إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله على ذلك ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )البقرة268. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“ ما من أحد منكم وإلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير)الترمزي.
الأذى المادي:-
أعطاهم الله قدرات معينة على الإنس فيؤذونهم أذى حسيا ويصيبونهم بنوع من الأمراض مثل المس والصرع وغيرها فمنها ما يكون بسبب مس الجن.
وذهب بعض العلماء إلى أن من الصرع ما يكون نتيجة لدخول الجن في بدن الإنسان. فيتكلم المصروع بكلام لا يعرفه ولا يدري به يدل على ذلك قوله تعالى:(الذين يأكلون الربا لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) البقرة 275.وقوله صلى الله عليه وسلم إن الإنسان يجري من الإنسان مجرى الدم) مسلم.
وذهب آخرون إلى إن الشيطان يؤثر في الإنسان عن طريق إثارة أعصابه أو بعض طبائعه ولكن لا يدخل في بدنه دخولاً حسياً.
وقد يكون سبب ذلك نتيجة أذية الناس لهم بقتل بعضهم أو صب ماء حار عليهم أو نزولهم في أماكنهم أو غير ذلك، أو نتيجة الإصابة بالعين أو السحر.
قال ابن القيم :“وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والحصينات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الرجل أعزل لا سلاح معه ،....وأما من لم يكن كذلك فلا سبيل للشيطان عليه بحال ”.
وسائل التحصين من الجن والاحتراز من الشياطين:-
إتباع الهدي الإلهي:(قال اهبطا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى).
الأدعية المأثورة من الطرق الشرعية لإبعاد وساوس الشيطان ما ورد من ادعيه مأثورة.
الإكثار من ذكر فهو من أقوى الوسائل لطرد الشياطين ودفع إغوائهم لأنه يقوي في النفس حب الحق ودواعي الخير ويضعف فيها الميل إلى الباطل والشر فلا يكون للشيطان مدخل إليها.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم.
المصادر والمراجع:
شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي.
أَركانُ الإيمان علي بن نايف الشحود.
شرح العقيدة الواسطية،محمد بن صالح بن محمد العثيمين تحقيق: سعد فواز الصميل.
الإيمان بالله جل جلاله عَلي محمد محمد الصَلاَّبي.
الثقافة الإسلامية ، أحمد محمد أحمد الجلى.